02. مع كون المعاناة الإنسانية التي يعيشها العراق ليست نتيجة كارثة طبيعية محدودة ومعروفة في حجمها ومدتها وآثارها، بل هي نتيجة كارثة من صنع الإنسان تقوم على استهداف مجتمعات بشرية بسبب الهوية الدينية أو القومية أو الثقافية، ومع فشل الدولة العراقية في تخطيط وتنفيذ برنامج تعافي للتعامل مع جذور ونتائج الكارثة وإصلاحها، أصبحت الكارثة بنهاية مفتوحة من حيث الفترة الزمنية والمتطلبات المادية والبشرية وآليات العمل.
ومن ثم، فإن حاجة المجتمع العراقي، ولا سيما الأقليات المستضعفة، إلى المنظمات الإنسانية لا تزال مطلبا ملحاً.
هل لا تزال هناك حاجة إلى كابني؟
بناء على ما أنجزته المنظمة على مدى عقود من عملها ونموها وتطورها، ومع الأخذ بعين الاعتبار الواقع الحالي والمستقبلي للعراق بشكل عام، وحالة الأقليات المستضعفة بشكل خاص، فإن المنظمة ونموها واستدامة فعاليتها أمر حيوي ومهم.
01. تراجع الديموغرافيا المسيحية في العراق إلى نسب تهدد وجود واستمرار ألفي عام من المسيحية الشرقية الغنية برسالتها وتراثها وهويتها. إنه إنذار تحذيري أن نسبة المسيحيين إلى عامة الشعب العراقي انخفضت من 3٪ (1957)، إلى 2.13٪ (1977)، إلى أقل من 1٪ (2020).
وفي الوقت الذي فيه استعادة هذه الديموغرافيا تكاد تكون مستحيلة؛ فإن استعادة وتفعيل وتعزيز الحضور والدور المسيحي أمر حيوي من جهة، ويمكن تحقيقه من جهة أخرى من خلال المؤسسات المسيحية الموجودة والفعالة والمؤثرة في مجال اختصاصها، مثل الصحة والتعليم والخدمات الإنسانية وغيرها، التي تخدم المجتمع بأسره بغض النظر عن الهوية والخلفية الدينية والقومية والثقافية.
كابني هي نموذج ومثال وشاهد على هذه الإمكانات من خلال هويتها المسيحية ورسالتها الإنسانية التي تخدم جميع المجتمعات المستضعفة والمحتاجة.
03. ومن ناحية أخرى، فإن موارد وأنشطة المنظمات غير الحكومية الدولية العاملة في العراق آخذة في التناقص.
مما جعل ان تلعب المنظمات غير الحكومية المحلية دورا فعالا ومستمرا وطويل الأجل لسد الفجوة مع تراجع أو انسحاب المنظمات غير الحكومية الدولية. خاصة وأن المنظمات غير الحكومية المحلية أكثر دراية بالأقليات والمجتمعات المستضعفة وتحدياتها واحتياجاتها.
كابني هي المنظمة المسيحية المحلية الأكثر فعالية للاستجابة للاحتياجات الإنسانية للمجتمعات المستضعفة.
05. المؤسسات التي تعتمد في هيكلها وبرامجها الروح المسكونية هي الأكثر فعالية في المجتمعات المسيحية. إذا كان الأمر كذلك في جميع أنحاء العالم، الذي أصبح قرية صغيرة، فكم بالحري في المناطق والأوطان التي يشكل فيها المسيحيون أقلية مهددة في وجودها ومنقسمة، عقائديا ومؤسسيا وسياسيا.
كابني بهويتها المسيحية وهيكلها وروحانيتها وبرامجها المسكونية، تبني نموذجا للعمل المسكوني في العراق
04. نجحت كابني كمنظمة مسيحية محلية نشطة وحاضرة في الحياة المجتمعية اليومية للمجتمع العراقي المتنوع في مناطق العمل الجغرافية في دهوك وسهل نينوى وسنجار في الاستثمار في البرامج الإنسانية لبناء الجسور بين مختلف مكونات المجتمع.
تعمل كابني مع ومن أجل اليزيديين والشبك والكاكائيين، وبرامجها هي جسر يربط بين هذه المجتمعات.
06. وفي نفس السياق، وبما أن المعاناة الإنسانية للعراقيين هي من صنع الإنسان وتستهدف هوية وكرامة المجتمعات العرقية والدينية الضعيفة، فان هذه المجتمعات لا تزال بحاجة إلى مؤسسات المجتمع المدني لمنحها الثقة والاهتمام بهويتها وكرامتها وحقوقها .
كابني مؤهلة لدعم هذه المجتمعات وتلبية احتياجاتها بسبب خصوصياتها وهويتها وخبرتها الطويلة في التعامل مع هذه المجتمعات.
إن الأنشطة والبرامج الإنسانية في أوقات الأزمات بشكل عام، والأزمات التي تمر بها دول وشعوب المنطقة بشكل خاص، تتجاوز حدود توفير الاحتياجات المادية والخدمية المختلفة. وهي أنشطة يجب أن تترافق مع رسالة أمل للمجتمعات المهمشة التي توجه إليها هذه البرامج، لأن حجم المعاناة وطبيعتها وجذورها وعواقبها تؤدي إلى فقدان هذه المجتمعات الأمل في المستقبل والشعور بالانتماء للوطن، الذي خلق اليأس من المستقبل، ويدفع أجيالها إلى الهجرة.
ومن ثم، فإن كابني كمنظمة محلية، مؤهلة لربط العمل بالأمل.
هذا ما عاشته كابني في سنوات عملها، حيث تعكس الأمل في برامجها وتجسد شعارها الذي يتلمسه المستفيدون في حياتهم بأن يبقى الأمل حياً.
08. الخبرات النوعية المتميزة لكابني من ناحية، ومع استمرار الحاجة إلى دورها من ناحية أخرى، فان كابني تسعى إلى تبني آفاق مستقبلية على المستوى المحلي والوطني والإقليمي والدولي. من خلال التواد الفاعل في منصات وشبكات العمل الانساني.
07. تمثل كابني نموذجا إيجابيا للشراكة بين المنظمات المحلية والمنظمات المانحة، فضلا عن كونها نموذجا إيجابيا للشراكة بين المنظمات المحلية .